الضابط الخامس : منع الربا :
والربا في اللغة يطلق على معانٍ منها الزيادة .
وأما في الاصطلاح فهو : تفاضل في أشياء ونسأ في أشياء مختص بأشياء ، وهذا التعريف فيه شيء من الإجمال لكن عند معرفة قسمي الربا يتضح شيء من إجمال هذا التعريف .
فالربا ينقسم إلى قسمين :
1- ربا الفضل .
2- ربا النسيئة .
هذان القسمان هما المشهوران عند العلماء وهناك من يقسم غير هذا التقسيم .
أولاً : ربا الفضل :
الفضل في اللغة : الزيادة .
وأما في الاصطلاح : فهو الزيادة في أحد الربويين المتحدي الجنس الحالين .
ومثاله : عشرون غراماً من الذهب بخمسة عشر ، فالذهب ربوي فإذا بادلت هذا الذهب بمثله مع الزيادة فقد وقعت في ربا الفضل ما دام أنهما حالان .
وأما عشرون بخمسة عشر مؤجلة فهذا ربا فضل ونسيئة .
ولابد هنا من معرفة ما هو المال الربوي ؟
هذا موضع خلاف بين أهل العلم يطول ذكره ، لكن الخلاصة في ذلك على المشهور من مذهب الإمام أحمد : أن الربوي هو كل مكيل أو موزون ، فإذا عبَّروا بالربوي ونحوه فالمقصود عندهم : المكيل كالبر والشعير والتمر والأرز والدخن والموزون كالحديد والنحاس والصُفر والشعر والصوف والوبر ، فعندما تبادل ربوي بجنسه لابد من شرطين :
1- الحلول والتقابض .
2- التماثل .
هذا ما ذهب إليه الحنابلة وهو أيضاًَ قول الحنفية .
الرأي الثاني : أن ضابط الربوي : أنه كل ما كان ثمناًَ للأشياء وكل مكيل أو موزون مطعوم ، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أقرب .
فما كان ثمناًَ للأشياء كالدراهم وهذه النقود فهذه أثمان للأشياء فنقول : هي ربوية ، وكذلك المطعومات الموزونة والمطعومات المكيلة ربوية وما عدا ذلك فليس ربوياًَ كالكتب والأقلام والثياب والأخشاب والسيارات والمعدات ، فهذه ليست ربوية لأنها ليست مطعومة ، وعليه لو بادلت سيارة بسيارتين أو قلماًَ بقلمين أو ثوباًَ بثوبين فإن هذا جائز ولا بأس به .
ثانياًَ : ربا النسيئة :
وأما في الاصطلاح [1] : فهو تأخير القبض في أحد الربويين المتحدين في علة ربا الفضل ، فإذا كان عندنا ربويان اتحدا في علة ربا الفضل ولو اختلف جنسهما فإنه لابد عند مبادلة أحدهما بالآخر أن يكون ذلك يداًَ بيد ، فمثلاًَ : عندك ذهب بفضة فالجنس هنا مختلف لكنهما يتفقان في العلة فنقول : لابد أن يكون ذلك يداًَ بيد .
أيضاًَ الريالات والجنيهات المصرية هنا الجنس مختلف لكنهما يتحدان في العلة وهي الثمنية ، فإنه لابد عند مبادلة أحدهما بالآخر أن يكون يداًَ بيد .
أما إذا اختلفت العلة فإننا لا نشترط التقابض ، فمثلاًَ : ذهب وبر ؛ كل منهما ربوي لكنهما لا يتحدان في العلة فعلة الذهب خلاف علة البر .
وأيضاًَ الريالات والشعير كل منهما ربوي لكنهما لا يتفقان في العلة فحينئذٍِ لا نشترط التقابض ، إنما نشترط التقابض إذا اتحد الربويان في علة ربا الفضل ، فإذا اتحدا في علة ربا الفضل وحصل التأخير فإنه ربا نسيئة .
وأدلة تحريم الربا ظاهرة والإجماع قائم على تحريمه ، بل إن الربا محرم حتى في الشرائع السابقة ، فإن الله عزَّ وجل ذم اليهود بقوله سبحانه : ( وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ )[2] ، ويقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً ) [3] ، ويقول سبحانه : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) [4] وفي حديث جابر أن النَّبِيّ r " لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ".