مسألة : إذا تاب الإنسان من الربا فإنه لا يخلو من حالتين :
الحالة الأولى : ألا يكون قد قبض الربا ؛ وحينئذ لا يجوز له أن يأخذها لقول الله عزَّ وجل : ( وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ ) [1]؛ فإذا تاب الإنسان يأخذ رأس ماله ولا يأخذ الربا .
الحالة الثانية : أن يكون قد قبض الربا وتجمَّعت عنده هذه الفوائد وهي موجودة الآن عنده ، فهذا أيضاً ينقسم إلى قسمين :
الأول : بالنسبة للدافع الذي قام بدفع هذا الربا كالمصرف وغيره فإنه لا يُرد إليه الربا .
التعليل : لئلا يجمع له بين العوض والمعوض .
الثاني : بالنسبة للقابض الذي تجمَّعت عنده هذه الأموال الربوية فلا يخلو من أمرين :
1- أن يكون جاهلاً بهذه المعاملة المحرمة من ربا أو غيره .
الحكم : لا شيء عليه .
الدليل : لقول الله عزَّ وجل : ( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ) [2] .
مثاله : إنسان يجهل أن هذه المعاملة محرمة أو كان حديث عهد بإسلام أو كان ناشئاً ببادية بعيدة عن حواضر الإسلام ؛ فنقول : هذه الأموال التي تجمَّعت عنده وهو يجهل التحريم فإنها له ولا شيء عليه .
2- أن يكون عالماً بأن هذه المعاملة محرمة وأن أخذ هذه الفوائد لا يجوز ثم تاب .
الحكم : فيه خلاف بين شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم :
أ- شيخ الإسلام يقول : أيضاً إذا تاب فإنها تكون له .
دليله : قول الله تعالى : ( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ ) فالله عزَّ وجل لم يأمر برد الربا وإنما أمر بعدم أخذه ، فكون الإنسان يرد الربا ويخرجه هذا لم يأمر الله به .
وأيضاً هذا مما يُسهِّل على الذي فعل المحرم التوبة .
ب- ابن القيِّم يقول : إذا كان عالماً أن هذه محرمة ؛ فهذا مال محرم أصله خبيث ، فإنه يخرجه في وجوه البر من الصدقة والإحسان وغير ذلك .