فائدة : الفرق بين القرض الاستهلاكي والقرض الاستثماري :
القرض الاستهلاكي : يقترض منك لكي يشتري طعاماً أو شراباً أو يسكن أو يشتري لباساًَ ، فكونك تأخذ عليه فوائد ؛ هذا هو المحرم .
أما القرض الاستثماري : فهو أن تقرضه لكي يبيع ويشتري لا لأجل أن يستهلك ، فكونك تأخذ عليه فائدة فهذا جائز .
قالوا : وقروض المصارف الآن قروض استثمارية وليست استهلاكية ، فالمصرف يأخذ هذه الدراهم ولا يصرفها للعميل إلا بعد مُضي مدة ؛ في خلال هذه المدة يقوم المصرف بالتجارة بها أو يقوم بإيداعها في بنوك أخرى ويأخذ عليها فوائد ويعطي العميل بعضاً من هذه الفوائد التي أخذها .
الجواب عن هذه الشبهة :
قال الجمهور : هذا باطل وأجابوا عن هذه الشبهة من أربعة أوجه :
1- أن عمومات الأدلة لم تفرِّق بين القروض الاستهلاكية والقروض الاستثمارية ، وأيضاً الوارد عن الصحابة رضي الله عنهم عدم التفريق بين القروض الاستثمارية والقروض الاستهلاكية .
2- أن العلماء في السابق لم يفرِّقوا هذا التفريق ، فهذا تفريق حادث ؛ وإنما حرَّموا المنافع التي يكتسبها المقرض ولم يفرِّقوا بين القروض ، فمثل هذا التفريق مخالف لإجماع العلماء السابقين .
3- أن العباس رضي الله عنه كان يُرابي في الجاهلية وهو رجل كريم ؛ ولا يُعقل أن العباس كان يُرابي مع شخص يريد أن يأكل ويشرب ؛ يمنعه من هذا كرمه وسخاؤه ، وإنما يأخذ الربا على من يريد أن يكسب ويتاجر ونحو ذلك .
4- قالوا : إن ديون بني المغيرة المخزوميين التي كانت لثقيف ؛ كانوا يأخذون الربا وهم أهل جاه وشرف ويمتنع عليهم أن يأخذوا الربا ممن يريد القوت وإنما يأخذون الربا ممن يريد الكسب .
الشبهة الثانية : قالوا : إن المحرم هو الربا أضعافاً مضاعفة حملاً للمطلق على المقيَّد كما قال الله عزَّ وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَة ) [1]، ومثل هذه الفوائد ليست أضعافاً مضاعفة .
الجواب عن هذه الشبهة :
أُجيب عن هذه الشبهة بأجوبة :
1- أن قول الله عزَّ وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَة ) ، هذا القيد غير مراد ، بل هو لبيان الغالب كما في قول الله عزَّ وجل : ( وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ ) [2]، فقوله عزَّ وجل : ( وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ ) ، قوله ( اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ ) هذا قيد أغلبي ؛ وعند الأصوليين : أن ما كان قيداً أغلبياً فإنه لا مفهوم له ، فيحرم الربا سواء كان أضعافاً مضاعفة أو لم يكن كذلك .
2- قالوا : إن قوله تعالى : ( أَضْعَافاً مُضَاعَفَة ) [3]بعض من أفراد العام في قول الله عزَّ وجل : ( وَحَرَّمَ الرِّبا ) [4] ، وأيضاً عند الأصوليين : أنه إذا ذُكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام فإنه لا يقتضي التخصيص .
3- أن المسلمين مُجمعون على تحريم الربا قليله وكثيره .
4- أن قول الله عزَّ وجل : ( وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا ) [5]؛ هذا يشمل قليل الربا وكثيره ، وهذه الآية هي آخر ما نزل .
فتبين أن أخذ هذه الفوائد محرم ولا يجوز ، وعلى هذا يجب على الإنسان أن يتوب من هذا .