القسم الثالث : المسابقات المباحة :
وهي ما عدا القسمين السابقين :
ضابطها : كل مسابقة ترتبت عليها مصلحة وانتفت عنها مضرة .
مثالها : 1- المسابقة على الأقدام ، فهذه من المسابقات المباحة ولا نقول إنها من المشروعة وإن كان فيها نوع من الاستعانة على الجهاد ؛ لأن النَّبيّ r حصر فقال : " لا ….. إلا في خف أو نصل أو حافر " فحصر ذلك في آلات الجهاد التي تستخدم في الجهاد غالباً .
2- السباحة .
3- السبق على الدراجات .
4- رفع الأثقال .
5- المصارعة .
6- لعب الكرة إذا انتفى من المحاذير الشرعية .
7- ما يوجد الآن من الألعاب التي يستخدمها الأطفال ؛ الأصل فيها أنها من المباح لأنه يترتب عليه مصلحة وينتفي عنه المضرة .
ضوابط الحل في هذا القسم :
الضابط الأول : ألا يترتب عليها مضرة في الدين بترك واجب أو فعل محرم .
ترك واجب : مثل تأخير الصلاة عن وقتها .
فعل منهي عنه : مثل ما قد تولده من البغضاء أو الفحش أو السباب أو غير ذلك .
الضابط الثاني : ألا يترتب عليها مضرة في الدنيا سواء كانت للأموال أو الأعراض والأبدان .
الضابط الثالث : ألا يُكثِر منها المكلَّف ، وقولنا ( المكلَّف ) يخرج غير المكلَّف .
ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يُرخَّص للصغير ما لا يُرخَّص للكبير ، قالت عائشة رضي الله عنها كما في البخاري : " اقدروا للجارية حديثة السن قدرها " .
فالكبير يُرخَّص له أن يلعب ويتلهَّى لما في ذلك من إجمام القلب والاستعانة على طاعة الله عزَّ وجل ؛ لكن لا يكون هذا ديدناً له كالصغير فإنه يُرخَّص للصغير ما لا يُرخَّص للكبير .
وعلى هذا تجد العلماء رحمهم الله اختلفوا في اللعب بالورقة هل هو جائز أو ليس بجائز ؟ فتجد بعض العلماء يقول : بأنه جائز ، وبعض العلماء يقول : بأنه غير جائز ، لكن إذا ضُبطت بمثل هذه الضوابط التي ذكرنا فلا بأس بها .
حكم أخذ العوض على هذا القسم :
أخذ العوض – كما في القسم الأول – ينقسم إلى أربعة أقسام :
الأول :أن يكون العوض من الإمام ؛ كما لو كان هناك مسابقة على الأقدام أو الدراجات وأعطى الإمام فيها عوضاً .
حكمه : جائز ولا بأس به .
الثاني : أن يكون العوض من كل منهما ؛ يعني : يتسابقان على الأقدام أو سباحة أو مصارعة وكل منهما يدفع عوضاً ، هذا يدفع مائة ريال وهذا يدفع مائة يأخذها الغانم .
حكمه : هذا محرم ولا يجوز .
الدليل : قول النَّبيّ r : " لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر " .
الثالث : أن يكون العوض من أجنبي ؛ يعني يقول : يلعب هؤلاء والذي يفوز أعطيه كذا وكذا .
حكمه : اختلفوا فيه :
أ- كثير من أهل العلم منع من ذلك وقال : إن العوض الذي جاء الشرع بإباحته بينه النَّبيّ r في قوله : " لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر " .
وممن ذهب إلى المنع ابن القيِّم رحمه الله وقال : مثل هذه المسابقات كالخمر قليلها يدعو إلى كثيرها ، وكثيرها يصد عما يحبه الله ورسوله ، وذكر : أنها تخرج عن مقصودها وهو ما يتعلق بتقوية البدن والاستعانة على طاعة الله وإجمام القلب إلى أن يكون القصد بها التجارة والكسب .
ب- والأقرب والله أعلم أن هذا القسم يلحق بالقسم الأول وهو ما إذا كان العوض من الإمام ؛ هذا الذي يظهر ، فإذا كان العوض من الإمام جائزاً فيظهر إذا كان العوض من أجنبي خارج عن المتسابقين أن هذا جائز .
التعليل : لأن الأصل هو إباحة مثل هذه الأشياء .
وأما القول بأن قليلها يدعو إلى كثيرها كما ذكر ابن القيِّم رحمه الله ضبطناها بضوابط .
والقول بأن هذا يدعو إلى أن تكون مصدراً للكسب …إلخ ، فإن هذا بعيد ، وإذا تضمنت محاذير شرعية مُنعت .
الرابع : أن يكون العوض من أحدهما .
حكمها : الذين منعوا في القسم الثالث يمنعون في القسم الرابع من باب أولى ، والمنع في القسم الرابع أقرب من الإجازة .
وعلى هذا تكون المسابقات المباحة في قسمين : يجوز أخذ العوض ، وفي قسمين : لا يجوز أخذ العوض .
والمشروعة : يجوز أخذ العوض مطلقاً .
والمحرمة : لا يجوز أخذ العوض مطلقاً .