سادساً : المسابقات والألعاب :
تعريفها :
المسابقات في اللغة مأخوذة من السبق وهو التقدم والغلبة .
وأما في الاصطلاح : فهو عقد يكون بين فردين أو فريقين في مجال علمي أو عسكري أو رياضي من أجل معرفة السابق من المسبوق .
أقسامها :
تنقسم المسابقات في الشريعة إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : المسابقات المشروعة :
تعريفها : هي التي نصَّ عليها النَّبيّ r في حديث أبي هريرة رضي الله عنه : " لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر " . الخف : الإبل ، والنصل : السهام ، والحافر : الخيل .
فالمسابقات على هذه الأشياء : الإبل والخيل والسهام ؛ هذه المسابقات مشروعة ، يعني : أن الإنسان إذا فعلها يؤجر عليها ؛ تكون سُنَّة ، ويُلحق بها كل ما كان من آلات الجهاد ، فكل آلات الجهاد المسابقة عليها من المسابقة المشروعة التي يؤجر الإنسان عليها ؛ لما في ذلك من تعليم آلات الجهاد والاستعداد لقتال الكفار ، ولهذا رخَّص الشرع فيها بالرهان كما سيأتي إن شاء الله .
حكم أخذ العوض عليها :
أخذ العوض على المسابقة على آلات الجهاد له أربعة أقسام :
1- أن يكون العوض من الإمام ؛ يعني السلطان الأعظم يجري المسابقة في آلة من آلات الجهاد كالخيل أو الإبل أو الرمي .
حكمه : جائز بالاتفاق .
دليله : حديث ابن عمر أن النَّبيّ r " سابق بين الخيل وأعطى السابق " أخرجه الإمام أحمد والبيهقي وغيرهما .
2- أن يكون العوض من كل منهما ؛ يعني : زيد يدفع مائة ريال وعمرو يدفع مائة ريال ثم يتسابقان في الرمي مثلاً فمن أصاب الهدف يأخذ المائتين .
حكمه : على قولين :
أ- جمهور أهل العلم قالوا بالجواز لكن بشرط المحلل ، والمحلل متسابق ثالث يدخل مع المتسابقين ويغنم ولا يغرم .
مثال ذلك : يتسابقان على الخيل ، زيد دفع مائة ريال وعمرو دفع مائة ريال ؛ لكي تصح هذه المسابق يدخل معهما ثالث لا يدفع شيئاً إن فاز أخذ العوض كله – غَنِم – وإن خسر – سبق – لم يدفع شيئاً ، فهو يغنم ولا يغرم ؛ هذا هو المحلل .
الدليل : حديث أبي هريرة أن النَّبيّ r قال : " من أدخل فرساً بين فرسين فإن كان يأمن أن يسبق فهو قمار وإن كان لا يأمن أن يسبق فليس بقمار " . يعني : إذا كان المتسابقان يعرفان أن هذا الفرس الثالث سيسبق فهذا قمار لا يجوز ، وإن كان يمكن أن يسبق ويمكن أن يُسبق قال : هذا ليس بقمار .
لكن هذا الحديث غير ثابت عن النَّبيّ r ولهذا :
ب- رواية عن الإمام أحمد واختيار شيخ الإسلام وابن القيِّم ؛ قالوا : إن المحلل ليس شرطاً ، ويصح أن يتسابق اثنان وإذا سبق أحدهما فله العوض والآخر يخسر .
التعليل : هذا من الرهان والميسر الذي جاء به الشارع لما يترتب عليه من المصلحة العظيمة إذ إن هذا إنما يكون على آلات الجهاد خاصة .
الدليل : قول النَّبيّ r كما في حديث أبي هريرة : " لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر " .
وقال ابن القيِّم رحمه الله تعالى : والقول بالمحلل تلقَّاه الناس عن سعيد بن المسيب وأما الصحابة فلم يحفظ عن أحد منهم أنه قد اشترطه .
الترجيح : وعليه نقول : القسم الثاني إذا كان العوض من كل منهما فإن هذا جائز ولا بأس به ويكون من الميسر والرهان الذي رخَّص فيه الشارع لما يترتب عليه من المصلحة .
3- أن يكون العوض من أجنبي .
حكمه : هذا من باب أولى بالجواز .
مثاله : لو قال : تسابقا والسابق أعطيه كذا وكذا ، أو اضربا هذا الهدف والذي يصيبه فله كذا وكذا .
4- أن يكون العوض من أحدهما .
حكمه : أيضاً هذا جائز ولا بأس به .
التعليل : لأننا إذا أجزنا أن يكون العوض من كل منهما ؛ فكون العوض من أحدهما ؛ هذا من باب أولى .
الخلاصة : تلخص أن ما يتعلق بالمسابقات المشروعة أنه يجوز أخذ العوض فيها مطلقاً ؛ سواء كان من الحاكم أو من أحدهما أو من أجنبي أو من كل منهما ويكون هذا من الرهان والميسر الذي جاءت الشريعة بالرخصة فيه .