-->

Pages

Friday, August 29, 2008

المسابقات العلمية

سابعاً : المسابقات العلمية :

قد سبق أن ذكرنا عندما تحدثنا عن الجوائز ذكرنا أن من أقسام الجوائز التي تكون عن طريق المسابقات الجوائز التي تكون عن طريق المسابقات ويقصد منها تعليم الناس وإرشادهم أمور دينهم ، مثل أن تقوم مؤسسة تربوية أو تعليمية بإقامة مسابقة على شريط من الأشرطة الهادفة التي تربي الناس أو تعلمهم أو على كتاب علمي أو على أسئلة شرعية علمية يقصد منها تبيين هذا الحكم للناس ، وأشرنا أن هذه المسابقة تبنى على خلاف أهل العلم في أخذ العوض على المسابقات العلمية .

حكم أخذ العوض في المسابقات على المسائل العلمية :

اختلف فيه العلماء على رأيين :

أ‌- الجمهور : أنه لا يجوز الرهان على المسائل العلمية وأن هذه المسائل حكمها حكم المسابقات المباحة ، يعني : إذا كان العوض من كل منهما أو من أحدهما فإنه لا يجوز ، فلا يلحقونها بالمسابقات الشرعية .

دليلهم : حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبيّ r قال : " لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر " ، فقالوا : إن النَّبيّ r حصر العوض " لا سبق " بالتحريك ، يعني : لا عوض إلا في هذه الأشياء الثلاثة .

ب‌- أبوحنيفة واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم : أنه يجوز بذل العوض في مثل هذه المسابقات ويجوز أخذ الرهان عليها وتُلحق بالمسابقات الشرعية .

دليلهم : استدلوا على ذلك بأدلة منها :

1- أن أبا بكر راهن كفار مكة على غلبة الروم للفرس وقد بذل كل منهم جعلاً ، أبو بكر يذهب إلى غلبة الروم وكفار مكة يذهبون إلى غلبة الفرس ، فبذل كل منهم جعلاً ولم يقم دليل على نسخ ذلك . وهذه المراهنة ليست من الأصناف الثلاثة التي حصرها النَّبيّ r . وأقرَّه النَّبيّ r على ذلك ، وهذا أخرجه الترمذي وقال ابن حجر في الإصابة : رجاله ثقات .

2- قالوا : الدِّين كما أنه قام بالسيف والسنان ؛ أيضاً قام بالعلم والبيان والنَّبيّ r في المرحلة المكية ظل ثلاث عشرة سنة وهو يعلم الناس ويبين لهم ولم يؤذن له بالجهاد ولم يُفرض عليه الجهاد حتى انتقل إلى المدينة .

3- قالوا : إن تعلم العلم من الجهاد في سبيل الله ، ولهذا في الترمذي أن النَّبيّ r قال : " من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع " .

الترجيح :

وهذا القول هو الصواب وأنه يجوز بذل العوض في المسابقات العلمية ، وعلى هذا نقول : إن المسابقات العلمية تُلحق بالمسابقات الشرعية فيجوز بذل العوض من كل من المتسابقين ؛ وإذا كان بذل العوض من الإمام جاز ذلك ؛ وإذا كان من أحدهما جاز ذلك ؛ وإذا كان من أجنبي جاز ذلك .

شروط أخذ العوض على المسابقات العلمية :

نشترط لهذا القسم ثلاثة شروط :

الأول : أن تكون المسابقات في المسائل العلمية الشرعية كمسائل الفقه والعقيدة والحديث وأصول الفقه والتفسير وغير ذلك ، ولا تكون في المسائل العلمية المباحة ، فلا يصح بذل العوض في المسائل العلمية المباحة .

الثاني : ألا يقصد من أقام هذه المسابقة الكسب والتجارة وإنما يقصد تعليم الناس وإرشادهم ، وعلى هذا فما تفعله بعض الجهات التجارية أو المؤسسات التجارية من إقامة مسابقات شرعية ؛ قصدها بذلك الكسب والتجارة ولا تقصد بذلك إرشاد الناس وتعليمهم ، ولهذا تجد أن هذه المسابقات سهلة جداً لا تحتاج إلى بحث ؛ قد تكون صح أو خطأ أو تكون الإجابة عليها في متناول الناس ، فيقصدون من هذا الكسب والتجارة ، فهذا لا يصح ولا يجوز لأنه إنما رخَّص الشارع في مثل هذه الأمور فرخَّص في الميسر وأخذ الرهان فيها إذا كان في ذلك نُصرة للدين وتعلم لأحكامه وتبيين لها وإرشاد الناس إليها .

أما إذا القصد من وراء ذلك الكسب والتجارة كما قد تفعله بعض المؤسسات التجارية وليس قصدها الأول تعليم الناس وإنما قصدها الأول بيع سلعها ونحو ذلك فيدخل الناس فيها عن طريق رسوم بطاقات أو عن طريق دفع أو نحو ذلك وقصدهم الكسب والتجارة أو عن طريق شراء السلع فحرام ، وهذه الجوائز أثَّرت في أثمان السلع بزيادتها .

الثالث : أن يحذر من الميسر بعد إقامة المسابقة ، لأن هذه المسابقات التي تُقام يدخل فيها الناس وهم غانمون أو غارمون ويبذلون العوض ، فهذا جوَّزه الشارع ، لكن بعد انتهاء المسابقة ؛ والقائمون على مثل هذه المسابقات يقومون بإجراء القرعة بين الفائزين أو السحب ، وكونهم يقومون بالسحب ولا يُعطون كل من فاز جائزة هذا من الميسر لأن هذا إما يغنم أو يغرم ؛ يعني : أقيمت المسابقة على كتاب علمي ، شارك في المسابقة مائتا شخص ، ففاز مائة شخص ؛ فهؤلاء المائة الذين فازوا ، تجد أن القائمين على المسابقة لا يعطونهم كلهم جوائز مع أنهم كلهم استحقوا الجائزة ، لكن يُجرون بينهم القرعة ؛ وإجراء القرعة – كما ذكر العلماء رحمهم الله – مع الاستحقاق من الميسر ، فكونهم بعدما يفرزون الفائزين يقومون بإجراء القرعة على من فاز ، فمن خرجت له القرعة أخذ ومن لم تخرج له القرعة لم يأخذ ؛ فهذا لا يجوز ومحرم وهو من الميسر .

وقد ذكر العلماء هذا في أحكام القرعة عندما تكلَّموا على القرعة وأن القرعة يُصار إليها عند اشتباه الحقوق وتساويها ، أما إذا استحق كل منهم فإنه لا يجوز إجراء القرعة .

فمثلاً في قول النَّبيّ r : " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله " ، إذا وُجد عندنا قارئان اجتمعت فيهما الصفات الشرعية للإمامة من القراءة والسنة والسبْق بالهجرة والإسلام والسن وغير ذلك حينئذ نُجري القرعة ، أما إذا كان كل واحد منهما مستحقاًَ ويمكن القسمة بين هذين المستحقين ولا تزاحم بينهما فلا تُجرى القرعة .

الخلاصة :

فتلخَّص أن هذه المسابقات العلمية أن الأصل فيها الجواز كما دل على ذلك رهان أبي بكر رضي الله عنه مع المشركين وذكرنا لذلك ثلاثة شروط .

Twitter

Lajnah bahtsul masail pesantren MUDI mesra

ANEUK LENPIPA