-->

Pages

Friday, August 29, 2008

تعريف السهم

تعريف السهم :
السهم في اللغة : النصيب .
وأما في الاصطلاح : فهو وثيقة يمثل حقاً عينياً أو نقدياً في رأس مال الشركة قابل للتداول – يعني للبيع والشراء – ويعطي صاحبه حقوقاً خاصة .
أنواع الأسهم :
تتنوع الأسهم إلى عدة أنواع من ثلاث حيثيات :
أولاً : من حيث الحصة ؛ وتنقسم إلى قسمين :

1- أسهم نقدية : وذلك أن يكون رأس مال الشركة أسهماً نقدية بحيث يدفع المساهمون نقوداً من الذهب أو الفضة أو ما يقوم مقام النقود من الأوراق النقدية .
حكمها : العلماء متفقون على أنه إذا كان رأس مال الشركة أسهماً نقدية أنها شركة صحيحة .
2- أسهم عينية : وذلك أن يكون رأس مال الشركة عروض تجارة ؛ كأن يساهم الناس بأقمشة أو بآلات أو مواد غذائية …إلخ .
حكمها : فيها خلاف بين العلماء :
أ‌- أكثر العلماء على أنه إذا كان رأس مال الشركة عروضاً فهذا لا يصح .
ب‌- ما ذهب إليه الإمام مالك وهو رواية عن الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم أن هذا صحيح ولا بأس به ، فلو تشارك اثنان أو أكثر وجعلوا رأس مال الشركة من السيارات أو من الأطعمة أو الألبسة أو غير ذلك مما يتفقان عليه فإن هذا جائز ولا بأس به ، ويعرف نصيب كل واحد منهم من رأس مال الشركة .
التعليل : لأن الأصل في المعاملات الحل كما تقدم .
ثانياً : من حيث الشكل ؛ وتتنوع إلى نوعين :
1- أسهم اسمية : وهي الأسهم التي تحمل اسم صاحبها مدوناً عليها .
حكمها : جائزة بالاتفاق .
التعليل : لعدم الغرر فيها ، فهذا زيد له هذا السهم واسمه مدون على هذه الوثيقة .
2- أسهم لحاملها : وهي الأسهم التي يُكتب عليها أن السهم لحامله بدون ذكر اسم المالك .
حكمها : لا تجوز .
التعليل : لما فيها من الغرر والجهالة ، فإن المالك غير معروف وهذا يؤدي إلى التنازع .
ومثل هذه الأسهم الآن – كما ذكر بعض الباحثين – الغالب أنها غير موجودة .
ثالثاً : من حيث الحقوق ، وتنقسم إلى أقسام :
1- أسهم امتياز تعطي صاحبها أولوية الحصول على شيء من الأرباح دون بقية الشركاء .
مثلاً : يخصص خمسة بالمائة من الربح لهذه الأسهم والباقي يوزع بالتساوي على الشركاء بما فيهم أصحاب الأسهم الممتازة .
الحكم : محرمة ولا تجوز .
التعليل : لأنه لا يجوز أن يأخذ بعض الشركاء زيادة في الربح بلا مقابل من زيادة عمل أو مال .
2- أسهم امتياز تخوِّل أصحابها الحصول على فائدة سنوية ولو لم تربح الشركة .
حكمها : محرمة ولا تجوز .
التعليل : لأن حقيقة هذه الأسهم أنها قرض بفائدة ، وهذا من الربا .
3- أسهم امتياز تعطي أصحابها الحق في استعادة قيمة السهم بكامله عند تصفية الشركة قبل المساهمين ولو خسرت الشركة .
حكمها : محرمة ولا تجوز .
التعليل : لأن العلماء يذكرون إذا كان هناك خسارة فإن الوضيعة تكون على قدر المال ، وعلى هذا يشترك جميع الشركاء في الوضيعة والخسارة ، أما كونه يخصَّص لبعض الشركاء أن له أن يسحب أسهمه ولا يدخل في الخسارة فهذا شرط باطل .
الشركة مبناها على العدل وذلك بأن يشترك الجميع في المغنم والمغرم ؛ كما أنهم يشتركون في الربح ؛ أيضاً يشتركون في الخسارة ، وهذا هو أهم شروط الشركة ؛ أن تقوم على العدل وذلك بأن يشترك الجميع في المغنم والمغرم .
وأما كونه يوضع أسهم امتياز لبعض الشركاء بحيث إنه لا يدخل في الخسارة ؛ يستحق أن يسحب أسهمه عند تصفية الشركة قبل الآخرين ولا يدخل في الخسارة فهذا لا يجوز ، لأن العلماء يقولون : الشركة مبناها على العدل والوضيعة على قدر المال .
4- أسهم امتياز تعطي المساهمين القدامى الحق في الاكتتاب قبل غيرهم .
حكمها : جائزة ولا بأس بها .
التعليل : أ - لأنها تشمل الجميع .
ب - لأن المساهمين لهم الحق في ألا يُدخلوا أحداً معهم في الشركة .
5- الأسهم التي تعطي أصحابها أكثر من صوت .
حكمها : لا تجوز .
التعليل : لما فيها من التفاوت في الحقوق بدون مبرر شرعي .
مسألة : في حكم المشاركة في أسهم الشركات ذات الأعمال المشروعة في الأصل إلا أنها تتعامل بالحرام أحياناً :
مثالها : شركة مساهمة تدعو إلى الاكتتاب ؛ وهذه الشركة أعمالها مباحة إلا أن لها أعمالاً محرمة في بعض الأحيان أو دائماً ؛ لكن هذه الأعمال يسيرة ، ومن ذلك ما حصل قبل أشهر فيما يتعلق بشركة الاتصالات ، فهذه الشركة قائمة على أعمال مباحة من المنافع المعروفة في الاتصال وخدمة الهاتف وغير ذلك من الخدمات إلا أن لها أعمالاً محرمة أحياناً ؛ فهل الدخول في مثل هذه الشركة وغيرها من الشركات التي قامت على أعمال مباحة إلا أنها تتعامل أحياناً بالحرام ، فهل الاكتتاب في مثل هذه الشركة جائز أو غير جائز ؟
أشهر الأقوال في هذه المسألة ثلاثة أقوال :
القول الأول : أن الاشتراك في مثل هذه الشركات لا يجوز ، وذهب إلى هذا القول جمع من الباحثين الذين بحثوا في هذه المسألة .
دليلهم : 1- عموم أدلة تحريم الربا كقول الله عزَّ وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً ) [1] ، وقوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا ) [2]، وحديث جابر أن النَّبيّ r لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ؛ وقال : " هم سواء " .
وجه الدلالة : أن المساهم في مثل هذه الشركات التي تُرابي ؛ هو مرابٍِ سواء كان الربا قليلاً أو كثيراً ، ولا يجوز للمسلم ذلك أو أن يستمر فيه ولو كان قليلاً .
2- ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبيّ r قال : " إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه " ؛ فقال " عن شيء " وهذا يعم كل شيء سواء كان قليلاً أو كثيراً .
وجه الدلالة : أن هذه نكرة في سياق الشرط فتعم القليل والكثير .
3- أنه يُنظر إلى المصالح المترتبة على القول بالمنع ؛ فهناك مصالح كثيرة تترتب على القول بالمنع ؛ من ذلك : التخلص من مفاسد الربا .
ومنها : منع المسلمين من المشاركة في الشركات التي تقع في الربا مما يُشجِّع المؤسسات الربوية إلى ترك الربا .
ومنها : أن ذلك يؤدي إلى فتح الأبواب للأعمال المشروعة لكي يستثمر فيها المسلمون أموالهم .
4- قاعدة : أنه إذا اجتمع الحلال والحرام فإنه يغلب الحرام ولو كان قليلاً إلا إذا كان الحرام غير منحصر فإنه يكون معفواً عنه ، كما لو اختلط في هذا البلد حرام فهذا غير منحصر .
القول الثاني : أن الاشتراك في هذه الشركات جائز بشرط ألا ينص نظامها الأساسي على التعامل بالربا مع تقدير عنصر الحرام واستبعاد نسبته من عائدات الأسهم ويُصرف في وجوه الخير .
دليلهم : 1- قاعدة : يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً ؛ وأنه يُغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع ، فمثل هذا الحرام جاء تبعاً ولم يأت استقلالاً ؛ وإذا كان تابعاً فإنه يكون مغتفراً .
وهذه القاعدة لها أمثلة في الشريعة :
منها : أن النَّبيّ r حرق نخل بني النضير ؛ هذا التحريق يؤدي إلى قتل شيء من الحشرات والطيور وغير ذلك بالنار ؛ وهذا لا يجوز لقوله r " ولا يعذب بالنار إلا رب النار " لكن هذا القتل بالنار إنما جاء تبعاً ؛ فلما كان تابعاً ولم يكن مقصوداً لذاته كان جائزاً ولا بأس به .
ومنها : الدود في التمر ؛ فكون الإنسان يأخذ التمرة ويأكلها وفيها شيء من الدود ، فهذا جائز ولا بأس به لأنه تابع ؛ ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً ، لكن لو أخرج هذا الدود ثم أكله ؛ قالوا : هذا لا يجوز لأنه لم يكن تابعاً وإنما أكله استقلالاً .
فقالوا : هذا نظير هذا ، فهذه شركة أعمالها تسعين بالمائة حلال وأما الربا فيها فتابع ولم يكن مقصوداً لذاته ، ولهذا اشترط أصحاب هذا القول ألا ينص نظامها الأساسي على التعامل بالربا .
الجواب عن هذا الدليل :
أجاب أصحاب القول الأول عن هذا الاستدلال فقالوا : إن الاستدلال بهذه القاعدة في مثل هذا خطأ ، لأن هذه القاعدة ذكرها العلماء في الأمور التي تنتهي ؛ فلا يُستدل بها على أن الإنسان يستمر في فعل المحرم ؛ لكن في أمور تنتهي عقود أو أفعال … إلخ ، فهنا يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع .
أما هذه الشركات التي تتعامل بالحرام فإنها تستمر ؛ فلا نقول للمسلم : يجوز تبعاً ما لا يجوز استقلالاً واستمر في فعل المحرم .
2- قاعدة : الحاجة إذا عمَّت تنزل منزلة الضرورة ؛ والضرورات تبيح المحظورات .
الجواب عن هذا الدليل :
أجاب أصحاب القول الأول عن هذه القاعدة بجوابين :
أ‌- أن أكثر العلماء على خلاف هذه القاعدة ، ولهذا جاء في " شرح الفوائد " : الأكثر على أن الحاجة لا تقوم مقام الضرورة .
ب- أن هذه القاعدة ذكر لها العلماء قيوداًَ وشروطاًَ فليست على إطلاقها ؛ ومن هذه القيود : ألا يأتي نص من الشريعة بالمنع ، فإذا جاء نص من الشريعة بالمنع فإن الحاجة لا تنزل منزلة الضرورة ؛ وهنا جاء النص من الشريعة بمنع الربا .
ومن القيود أيضاًَ : أن هذه الحاجة إنما تكون في الأشياء التي ورد بها نص من الشريعة من جواز عقد السلم والإجارة وجواز تضبيب الإناء ولبس الحرير لدفع القمل والحكة .
3- قاعدة : ما لا يمكن التحرز منه فهو عفو ، ومثل هذه الأشياء المحرمة لا يمكن التحرز منها .
الجواب عن هذا الدليل :
قالوا : إن الذي لا يمكن التحرز منه ويكون عفواًَ هو ما يترتب عليه حرج ومشقة ؛ وكون الإنسان لا يدخل في مثل هذه الشركات لا يترتب عليه حرج ومشقة ، فالآن أُناس دخلوا وأُناس لم يدخلوا ؛ فالذين لم يدخلوا لم يصبهم حرج ومشقة وبإمكانهم أن يستثمروا أموالهم في أشياء أخرى مباحة .
القول الثالث : التفصيل ؛ حيث قسَّموا الشركات إلى ثلاثة أقسام :
أ‌- شركات أصل نشاطها محرم ؛ كأن تقوم على بيع الخمر أو تصنيعه أو بيع الخنزير ... إلخ ، فهذه لا يجوز الدخول فيها ولا تداول أسهمها بيعاًَ ولا شراءًَ .
ب‌- شركات أصل نشاطها مباح لكن تتعامل بالمحرم أحياناًَ وهي صغيرة ؛ فهذه أيضاًَ لا يجوز الدخول فيها .
جـ - شركات أصل نشاطها مباح لكن تتعامل بالمحرم أحياناًَ ؛ وهي شركات كبيرة ذات خدمات عامة ضرورية للمجتمع قد تعجز عنها الدول ، فهذه لا بأس بالدخول فيها .
التعليل : وجود المصلحة الكبيرة في قيام هذه الشركات التي تعنى بالخدمة العامة .
الجواب عن هذا التعليل :
أجاب المانعون عن هذا التعليل بجوابين :
1- أن المصلحة لكي تكون معتبرة لابد أن تتوفر فيها شروط : منها : ألا تخالف النص ، فإذا كان فيها مخالفة للنص فإنها لا تجوز .
2- المنازعة في المصلحة ، فقد يُقال : إن المصلحة تكون بعدم الاشتراك لما يترتب على ذلك من مصالح وهي : فتح الأبواب لشركات مباحة مشروعة ، وأيضاًَ : إلزام مثل هذه الشركات بالمعاملات المباحة المشروعة ، حيث إن أصحاب هؤلاء الشركات يهمهم دخول الناس ومشاركتهم ؛ فكون الناس يُحْجِمون عن الدخول معهم ؛ هذا يدفعهم إلى تحسين أوضاعهم .


[1] ( آل عمران : من الآية130 )
[2] ( البقرة : من الآية275 )

Twitter

Lajnah bahtsul masail pesantren MUDI mesra

ANEUK LENPIPA