(مسألة: ي): من القواعد المجمع
عليها عند أهل السنة أن من نطق بالشهادتين حكم بإسلامه وعصم دمه وماله، ولم يكشف حاله،
ولا يسأل عن معنى ما تلفظ به.
ومنها
أن الإيمان المنجي من الخلود في النار التصديق بالوحدانية والرسالة،
فمن مات معتقداً ذلك ولم يدر غيره من تفاصيل الدين
فناج من الخلود في النار، وإن شعر بشيء من المجمع عليه وبلغه بالتواتر لزمه باعتقاده
إن قدر على تعقله.
ومنها
من حكم بإيمانه لا يكفر إلا إذا تكلم أو اعتقد أو فعل ما فيه تكذيب للنبي في شيء مجمع
عليه ضرورة، وقدر على تعقله، أو نفي الاستسلام لله ورسوله، كالاستخفاف به أو بالقرآن.
ومنها
أن الجاهل والمخطىء من هذه الأمة لا يكفر بعد دخوله في الإسلام بما صدر منه من المكفرات
حتى تتبين له الحجة التي يكفر جاحدها وهي التي لا تبقى له شبهة يعذر بها. ومنها أن
المسلم إذا صدر منه مكفر لا يعرف معناه أو يعرفه، ودلت القرائن على عدم إرادته أوشك
لا يكفر.
ومنها
لا ينكر إلا ما أجمع عليه أو اعتقده الفاعل وعلم منه أنه معتقد حرمته حال فعله، فمن
عرف هذا القواعد كف لسانه عن تكفير المسلمين، وأحسن الظن بهم، وحمل أقوالهم وأفعالهم
المحتملة على الفعل الحسن. خصوصاً الفعل الذي ثبت أن أهل العلم والصلاح والولاية كالقطب
الحداد فعلوه وقالوه، وفي كتبهم وأشعارهم دوّنوه، فليعتقد أنه صواب لا شك فيه ولا ارتياب،
وإن جهله بدليله لقصوره وجهله، لا لغلبة الحال على الولي وغيبه عقله، وليسع العوام
ما وسع ذلك العالم، فمن علم ما ذكرنا وفهم ما أشرنا وأراد الله حفظه عن سبيل الابتداع،
كف لسانه وقلمه عن كل من نطق بالشهادتين، ولم يكفر أحداً من أهل القبلة، ومن أراد الله
غوايته أطلقها بذلك وطالع كتب من أهواه هواه نعوذ بالله من ذلك.
بغية
المسترشدين للسيد باعلوي الحضرمي (2/ 128)
الكتاب
: بغية المسترشدين للسيد
باعلوي الحضرمي