منتدى المفكرين المسلمين
الأمانة العامة
الكويت
بسم الله الرحمن الرحيم
بيان منتدى المفكرين المسلمين حول الثورة المصرية
اعلموا واحذروا
أما أبناء الكنانة فنقول لهم:
إنكم اليوم تسطرون واحدة من أعظم ملاحم الأمة في التحرر والانعتاق من هيمنة القوى الغربية والصهيونية العالمية وحكم الطغاة والطغيان في البلاد، وتمتثلون لإرادة الله عز وجل فيما سنَّه في خلقه من تدافع واجب لدفع الظلم عن المظلومين ورفع القهر عن المقهورين حتى لا يعم الفساد في الأرض أو يسود فيها البغي على كل حق وحقيقة وعدل.
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله: ﴿ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ ﴾ (البقرة: 251 ). ويقول جل في علاه: ﴿ وَلَوْلا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ (الحج: 40).
يا خير أجناد الأرض
إن الأمة التي ترقب اليوم، بشبابها وشيبها، بنسائها ورجالها، بصبيانها وأطفالها دفعكم، وتضحياتكم، وصبركم، وشجاعتكم، وإصراركم على انتزاع الحرية، وتحصيل الحقوق المهدورة، وإقامة العدل والدين، تتوثب للدفع في كل مكان ساد فيه الظلم.
فاعلموا، ثبتكم الله، أن ثورة التحدي في قاهرة المعز، والأسود في ميدان التحرير، والإسكندرية الصابرة، والسويس الثائرة، والمحلة البطلة، والمنصورة الصامدة، هي ثورة كل مدينة عربية وإسلامية على الطغاة والطغيان حيثما كان وساد، وهي ثورة عظيمة في وقائعها، وعظيمة في مطالبها، وعظيمة في رسائلها، وعظيمة في نتائجها. فأنتم قلب العروبة، وقلب الأمة الإسلامية، وفي قلب العالم.
يا أهل الثورة وقادتها
إذا كانت ثورة تونس الكرامة قد أسقطت واحدا من أعظم طغاة الأمة في بضعة أسابيع، وأيقظت الأمة من سباتها، وفتحت الباب واسعا لسنة التدافع الربانية؛ فإن ثورتكم يا شعب مصر العظيم تتحمل عبء الأمة برمتها لا عبء مصر وحدها. واعلموا أن الأمة التواقة إلى حريتها والتخلص من القهر والفساد تتعلق برقابكم، كلما شاهدت ملاحمكم اليومية تسطر أول صفحة في التاريخ العربي الإسلامي المشرق، وتؤسس لانطلاقة مجيدة، في مصر وفي غير مصر، محملة بقيم الإسلام العظيم والحرية والعزة والشرف والعدالة بدلا من العبودية والمذلة والهوان.
فلا تعجبوا أن يشتد الابتلاء الواقع عليكم هذه الأيام، أو يتداعى عليكم جبابرة العصر، وكل المغرضين، والفاسدين والمفسدين والمتسلطين على رقاب الأمة، وهم يرتجفون اليوم فزعا مما تسطره سواعدكم وحناجركم. واحرصوا على نقاء ثورتكم وسلامتها وديمومتها حتى تتحقق كل مطالبكم، وتكون ثورتكم النموذج الحضاري المعبر عن الإسلام وعظمته في خلع الطغاة وتجاوز المحن. واحذروا من أن يحبطن الملحمة أحد أو يسرق ثمارها. واستحضروا قول الله عز وجل: ﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ (الحج: 41).
وفي الختام
مزيدا من الصبر، ومزيدا من الثبات يا أهل مصر، ومزيدا من العزم يا شباب التحرير. فصبر ساعة خير من مذلة الدهر. والأمة على موعد معكم، ﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾، واعلموا أن الله عز وجل: ﴿ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، و﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فـ ﴿ اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر وتقال فيه كلمة الحق لا يخشى قائلها في الله لومة لائم. اللهم وفق شعب مصر وشبابها الأحرار لما تحبه وترضاه، وسدد خطاهم، وصوب رأيهم، وقِ البلاد والعباد شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.
آمين والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صدر في الكويت عن:
منتدى المفكرين المسلمين
الأمانة العامة
30 صفر 1432 الموافق 3 شباط / فبراير 2011