رابعاً : الجوائز التي يبذلها أصحاب المحلات التجارية :
1- تعريفها :
الجوائز في اللغة : جمع جائزة ؛ وهي العطية .
وأما في الاصطلاح : فهي العطايا التي يهبها أصحاب السلع للمشترين .
2- حكمها :
الأصل فيها أنها جائزة ؛ يعني كونك تشتري من صاحب المحل فيعطيك هدية فالأصل في مثل هذه الجوائز والهبات من أصحاب المحلات أنها جائزة والإجماع منعقد على ذلك .
وتقدَّم لنا أن الأصل في المعاملات الحل وذكرنا دليل ذلك .
3- أقسامها :
المستقرئ لأحوال هذه الجوائز والهبات التي تكون من أصحاب السلع ومن غيرهم يتبين له أن هذه الجوائز تنقسم إلى أقسام :
القسم الأول : الجوائز التي تكون عن طريق المسابقات ؛ وتحت هذا القسم أنواع :
الأول : أن تكون الجائزة عن طريق دفع رسوم للدخول في المسابقة ؛ يعني : لا يدخل الإنسان في المسابقة لكي يأخذ الجائزة حتى يدفع رسماً .
مثالها : أن تكون هنا بطاقات يشتريها الناس ثم بعد ذلك يدخلون في المسابقة ، ومن الأمثلة الموجودة الآن ما تقيمه بعض وسائل الإعلام الآن من المسابقات بحيث تتصل على الهيئة المنظمة للمسابقة ثم بعد ذلك تقوم بالإجابة ؛ وقد تحصل على الجائزة وقد لا تحصل على الجائزة .
وهذه الاتصالات يستفيد منها أصحاب الهيئة الذين قاموا بتنظيم هذه المسابقات ، ومثل ذلك ما يسمى بالمسابقة عن طريق الهاتف ( 700 ) ونحو ذلك .
فهذا لكي يدخل في هذه المسابقة اتصل على هذه الهيئة عن طريق الهاتف ، وهذه اللجنة المنظِّمة لهذه المسابقة تستفيد من هذا الاتصال ولها نسبة من رسوم هذا الاتصال ، وإدارة الاتصالات لها نسبة أخرى .
حكمها : هذا النوع من الميسر المحرم الذي لا يجوز إذا كانت الجائزة أو المسابقة عن طريق دفع رسوم للدخول في المسابقة ؛ سواء كانت هذه الرسوم عن طريق دفع بطاقات يشتريها الناس أو عن طريق اتصالات ونحو ذلك تكلفهم أموالاً ، فهذا من قبيل الميسر .
التعليل : لأن الإنسان يدخل فيها وهو إما غانم أو غارم ، وقد تقدَّم لنا أن من الضوابط التي تنبني عليها المعاملة : منع الميسر ، وذكر أيضاً ضابط الميسر وأنه أن يدخل الإنسان المعاملة وهو إما غانم أو غارم ، وهكذا الآن تجد أنه قد يتكلَّف مائتي ريال أو أكثر عن طريق شراء البطاقة أو عن طريق الاتصال ثم بعد ذلك قد يحصل له شيء من الجائزة وقد لا يحصل له شيء منها .
الثاني : أن تكون الجائزة عن طريق الشراء .
صورتها: أن يضع التاجر جائزة على مسابقة لا يشترك فيها إلا من يشتري سلعة يبيعها التاجر وما عداه فلا يدخل في المسابقة .
مثالها : تأتي إلى محل تجاري قد وضع سيارة أو ثلاجة ..إلخ ، ومن اشترى منه أعطاه ورقة فيها مسابقة ؛ بعض الأسئلة تقوم بحلها ثم بعد ذلك تفرز الإجابات وقد يحل الأسئلة جمع من الناس تكون إجاباتهم صحيحة ثم بعد ذلك تُفرز عن طريق الحظ .
أقسامها : هذا النوع تحته قسمان :
أ- أن تكون الجائزة مؤثرة في السعر بحيث إن التاجر رفع السعر مقابل الجائزة .
حكمها : محرمة ولا تجوز وهي من الميسر .
التعليل : لأن العميل أو المستهلك لمَّا اشترى هذه السلعة زاد في الثمن ، وقد يحصل على الجائزة وقد لا يحصل على الجائزة ؛ فهو إما غانم أو غارم .
ب- ألا يكون للجائزة أثر في السعر ؛ فالسعر كما هو لكنه وضع هذه الجائزة كالسيارة أو الثلاجة ونحو ذلك لكي يرغِّب في الشراء منه ، وإلا فالأسعار كما هي .
حكمها : هذه موضع خلاف بين المتأخرين :
القول الأول : التفصيل : قالوا : إن كان قصد المستهلك السلعة لحاجته إليها فهذا جائز ، المهم عنده السلعة وليس قصده الجائزة فهو يريد أن يشتري حليباً أو لبناً أو نحو ذلك سواء وجد عليه جائزة أولم تكن عليه جائزة ، فكونه يدخل في المسابقة ويحل الأسئلة فهذا جائز ولا بأس به .
وإن كان ليس قصده السلعة وإنما قصده الجائزة فهو لا يحتاج إلى السلعة وإنما أراد من هذا الشراء أن يحوز على الجائزة ، فقالوا : بأن هذا محرم ولا يجوز لأنه لا يخلو من القمار فهو داخل إما غانم أو غارم ، وما دام أنه لا يحتاج إلى السلعة فغالباً أنه لا ينتفع بها ، وهذا القول بالتفصيل هو ما يذهب إليه الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
التعليل : قالوا : إذا كان الإنسان يريد هذه السلعة وينتفع بها فقد انتفى المحذور وليس هناك شائبة قمار أو ميسر فالسلعة بثمنها والمستهلك أو العميل يحتاج إليها والأصل في المعاملات الحل .
القول الثاني : التحريم مطلقاً .
التعليل :
1- قالوا : حتى وإن كانت السلعة بسعر المثل والعميل يحتاجها فإن اشتراط عدم الزيادة في السعر مما يصعب ضبطه .
2- قالوا أيضاً : قصد العميل للسلعة أمر خفي يصعب التحقق منه لأن العميل قد يأخذ في اعتباره الجائزة ، فإذا قصد الجائزة دخل في مسألة القمار .
3- قالوا أيضاً : مثل هذه المعاملات مدعاة لأن يشتري الإنسان ما لا يحتاجه ، وهذا فيه شيء من الإسراف .
4- قالوا أيضاً : القمار موجود من جهة البائع فقد يفوز أحد المشترين بهذه الجائزة وسلع البائع لم تنته ، فيكون البائع داخلاً في القمار إما غانم أو غارم .
والأقرب في مثل هذا هو الرأي الأول وأن مثل هذا أمر جائز ولا بأس به إن شاء الله لما ذكرنا من أن الأصل في المعاملات الحل .
والعلل التي ذكرها أصحاب القول الثاني فإنها تنتفي بما ذكره أصحاب القول الأول من الضوابط ؛ وذلك :
أ- بأن تكون بسعر المثل .
ب- أن يشتري ما يحتاجه .
فإذا توفر ذلك انتفت تلك العلل .