الحادي عشر : الأسهم والسندات :
قبل الدخول في أحكام الأسهم والسندات لابد من تعريف شركة المساهمة وبيان حالها بالنسبة لما ذكره العلماء من أقسام الشركات في الزمن السابق .
تعريف شركة المساهمة :
الشركة في اللغة : هي الاجتماع في شيء .
وأما في اصطلاح الفقهاء : فهي الاجتماع في استحقاق أو تصرف .
قولهم " في استحقاق "
: هذا ليس مناط البحث ، يعني زيد وعمرو ورثا هذا البيت من أبيهما ؛ فهما الآن يستحقان عين هذا البيت ومنفعته ، وكذا لو اشترياه أو وُقِّف عليهما ؛ هذا اشتراك في استحقاق ، وهذا لا يبحثه العلماء رحمهم الله في قولهم باب الشركة أو كتاب الشركة ، وإنما يبحثون الجزء الثاني وهو التصرف ؛ يعني شركة العقود .أقسام شركة العقود وحكمها :
العلماء رحمهم الله يقسِّمون شركة العقود إلى خمسة أقسام ويختلفون فيها من حيث الجواز وعدمه ، لكن الصواب أن هذه الأقسام الخمسة كلها جائزة وهي على سبيل الإجمال :
1- شركة العنان : وهي أن يجتمعا بالمال والبدن ، فهذا زيد يدفع مائة ألف ريال وهذا يدفع مائة ألف ريال أو أقل أو أكثر ويعملا في هذا المال ؛ يفتحا محلاً تجارياً…إلخ .
2- شركة مضاربة : وهي أن يدفع ماله لمن يقوم عليه بجزء مشاع معلوم من الربح ، يعني : تعطيه مائة ألف ريال يعمل بها في البيع والشراء بجزء معلوم مشاع من الربح ؛ له النصف أو الربع ولك الباقي .
3- شركة الوجوه : هي أن يشتري اثنان فأكثر سلعاً في ذمتيهما بجاهيهما والربح حسب ما يشترطاه ، يعني : زيد وعمرو ليس عندهما أموال لكن لهما جاه وقدر عند الناس فيذهبا إلى الناس ويأخذا منهم سلعاً يقترضاها في ذمتيهما ثم بعد ذلك يقوما بالعمل والبيع في هذه السلع .
4- شركة الأبدان : وهي ما يكون بين أهل الحرف والصنائع سواء اتفقت الصنائع أو اختلفت على الصحيح ، يعني : هذان الرجلان كل منهما نجار أو كل منهما حداد …إلخ ؛ فيعملان وما تحصَّل فهو بينهما حسب ما يتفقان ، على النصف أو هذا له الثلث وهذا له الثلثان … إلخ ؛ وسواء اتفقت الصنائع أو اختلفت .
5- شركة المفاوضة : وهي ما يجمع الأقسام السابقة فيشترك اثنان شركة مفاوضة ؛ يدفعان أموالهما ، يعملان بأبدانهما ، يأخذان بذممهما ، يضارب أحدهما بالمال …إلخ .
فشركة المفاوضة أن يفوِّض كل واحد منهما للآخر كل عمل مالي من أعمال الشركة .
هذه الأقسام هي التي يذكرها العلماء في الزمن السابق .
شركة المساهمة التي توجد الآن مثلاً : شركة الاتصالات شركة مساهمة ؛ شركة سابك شركة مساهمة … إلخ .
شركة المساهمة : هي شركة ينقسم رأس مالها إلى أسهم متساوية ؛ وهذه الأسهم يمكن تداولها حسب النصوص المتفق عليها ، فهي عبارة عن شركة بين اثنين فأكثر في رأس المال والربح .
وهذه كما يتضح من تعريفها لا تخرج عن أقسام الشركات السابقة التي ينص عليها العلماء رحمهم الله ؛ لكنها تتميز أن أسهمها تكون متساوية ؛ مثلاً السهم بألف ريال أو بألفي ريال … إلخ ؛ والربح يُقَسَّم على المساهمين حسب ما يكون متفقاً عليه … إلخ .
الاكتتاب في شركة المساهمة :
الاكتتاب : هو عبارة عن دعوة موجَّهة إلى أشخاص غير محددين للإسهام في رأس المال .
فتُطرح الأسهم ويُعلن عنها في الصحف أن هذه الشركة تفتح باب المساهمة والاكتتاب فيتقدم الناس ويدخلون في هذه الشركة ويدفعون قيم هذه الأسهم ويكونون شركاء في شركة المساهمة .
ذكرنا أن شركة المساهمة لا تخرج عن أنواع الشركة التي سبق أن بيناها ، ويتضح هذا أن مجلس الإدارة في الشركة لا يخرج عن ثلاث حالات :
1- أن يكون المجلس مساهماً وعاملاً ، وهذا هو الغالب ، فهنا بذل مالان وبدن .
البدن من مجلس الإدارة ؛ والمال الأول من مجلس الإدارة ، والمال الثاني من بقية المساهمين .
فهي تجمع بين العنان والمضاربة ؛ شركة العنان : أن يشتركا في المال والبدن ، وشركة المضاربة : أن يدفع إليه المال ويقوم بالعمل ، فمن حيث إنه من كل منهما مال فهذه عنان ومن حيث أن أحدهما عمل والآخر لم يعمل ؛ هذه مضاربة ، وتقدم أن كلاً من شركة العنان والمضاربة جائز .
2- أن يكون مجلس الإدارة عاملاً دون مساهمة ، فهذه شركة عنان لأن المال والعمل من جميع الشركاء ، فالشركاء دفعوا المال ؛ والعمل أيضاً منهم لأنهم استأجروا مجلس الإدارة .
3- أن يكون لمجلس الإدارة نسبة من الربح من المساهمين ؛ ومن مجلس الإدارة العمل ، فمجلس الإدارة لم يساهم لكن منه العمل ، فهذه شركة مضاربة .
فتلخَّص أن شركة المساهمة لا تخرج عن أنواع الشركات التي ذكرها العلماء رحمهم الله .