صور بيع المرابحة للآمر بالشراء :
بيع المرابحة له صورتان وبعض العلماء يجعل له ثلاث صور لكن يمكن أن نشير إلى الصورة الثالثة إن شاء الله .
الصورة الأولى : هي أن يكون هناك مواعدة ملزمة بين الطرفين مع ذكر مقدار الربح .
مثالها : يذهب الشخص إلى المصرف ويتفق معه اتفاقاً ملزماً على أن المصرف يقوم بشراء هذه السلعة من سيارة ونحو ذلك وأن يلتزم العميل – هذا الشخص – بشراء هذه السلعة وعليه من الربح ما قدره كذا وكذا .
وهذه الصور تنبني على المواعدة الملزمة .
حكمها :
أ- جمهور المتأخرين على أن هذه الصورة محرمة ولا تجوز إذا كان هناك إلزام من المصرف على أن العميل يشتري هذه السلعة بعد أن يشتريها المصرف .
دليلهم : استدلوا على ذلك بأدلة كثيرة منها :
1- عموم الأحاديث التي تنهى الإنسان عن بيع ما ليس عنده ، فإذا كان هناك اتفاق بين المصرف والعميل على أن العميل ملزم بشراء هذه السلعة فهنا يكون هناك بيع من المصرف لهذه السلعة قبل أن يملكها . ومن الأحاديث : حديث حكيم بن حزام أن النَّبيّ r قال : " ولا تبع ما ليس عندك " ، وكذلك أيضاً حديث ابن عمر أن النَّبيّ r قال : " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك " وهذا في السنن وصححه الترمذي .
2- عموم الأحاديث التي نهت الإنسان عن بيع الشيء قبل قبضه ومن ذلك حديث ابن عمر أن النَّبيّ r قال : " من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه " وهذا في الصحيحين ، فإذا كان هناك اتفاق ملزم على العميل مع المصرف فإن هذا يكون فيه بيع من المصرف للسلعة قبل أن يقبضها ، فيكون داخلاً تحت عمومات هذه الأحاديث التي فيها النهي عن ذلك .
3- قالوا : إن حقيقة هذا البيع أنه بيع نقد بنقد أكثر منه إلى أجل بينهما سلعة ، وهذا كما قال ابن عباس : دراهم بدراهم بينهما حريرة .
فهذا الشخص الآن ملزم بثمانين ألف ريال والبنك دفع للسلعة ستين ألف ريال ثم باعها عليه بثمانين ألفاً ، فهذا عبارة عن بيع نقد بنقد أكثر منه إلى أجل فيدخل في ذلك ربا النسيئة وربا الفضل فيكون محرماً .
هذا ما عليه جمهور المتأخرين .
ب – أن هذه المواعدة التي تنبني على الإلزام جائزة لا بأس بها .
دليلهم : استدلوا على ذلك بأن قالوا : الحاجة داعية إلى ذلك لاتساع رقعة التعامل وتضخم رؤوس الأموال ، وما دامت الحاجة داعية إلى ذلك فإن هذا يجوز كما جاز عقد الاستصناع وعقد السلم وسيأتي – إن شاء الله – الكلام على حقيقة عقد الاستصناع وهل هو عقد مستقل أو عقد سلم …إلخ .
الترجيح :
والصواب في هذه المسألة ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله وأن هذه المسألة لا تجوز إذا كان هناك إلزام .
وأما ما استدل به القائلون بالجواز من أن الحاجة داعية إليه فهذا غير مسلَّم لوجود المخرج الشرعي كما في الصورة الثانية على القول بجوازها كما سيأتي إن شاء الله .