ضبط المنفعة المحرمة بسبب القرض :
بناء على ما سبق فالمنفعة التي تكون محرمة إذا أفادها المقرض هي ما شمل أمرين :
الأمر الأول : ما يشترطه المقرض على المقترض وليس له مقابل سوى القرض .
مثلاً يقول : أقرضك ألفاً يشرط أن تعطيني سيارتك أستعملها لمدة يوم أو يومين ، هنا الآن منفعة محرمة ، فالمقرض استفاد أنه ينتفع بهذه السيارة ، والمقترض لم يستفد شيئاً ؛ استفاد القرض والقرض سيرده .
في الجمعية لا يوجد هذا ، فالمقرض ينتفع والمقترض ينتفع ، فكل منهما ينتفع ،
أما هنا إذا قال : بشرط أن تبيع عليّ دارك أو بشرط أن تعطيني زيادة مائة ريال أو بشرط أن تعطيني هدية ..إلخ ، هذا داخل في المنفعة المحرمة في القرض .
ويدل لهذا أيضاً قول النَّبيّ r : " لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع " هنا سلف وبيع ، يقول : أقرضك بشرط أن تبيعني ، فهنا الانتفاع حصل للمقرض وأما المقترض لم يحصل له إلا القرض والقرض سيرده .
الأمر الثاني : ما يقدمه المقترض للمقرض بسبب القرض ، وهذا يدل له أثر عبدالله بن سلام رضي الله عنه .
مثلاً : أعطيت زيداً من الناس ألف ريال قرضاً وبعد يوم أو يومين جاء لك بهدية ؛ فلا يجوز لك أن تقبل هذه الهدية فإنه إنما أعطاك هذه الهدية لأجل قرضك ، ولهذا يقول العلماء : إذا كان بينهما مهاداة كأن تسلف قريبك أو صديقك مائة ألف ريال وبينكما مهاداة تعطيه ويعطيك ؛ هذا ليس داخلاً في النهي ؛ لكن إذا عرفنا أن هذه الهدية إنما أعطاك إياها المقترض من أجل القرض فهذه المنفعة المحرمة في القرض .
فكونك تقرضه ألفاً ثم يعطيك كتاباً هدية ، هذا لا يجوز لك أن تقبله كما ورد عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه ، لا يجوز إلا إذا أردت أن تكافئه أو تخصم ذلك من القرض ، يعني تقبل الكتاب ثم تخصم قيمته من القرض .
فائدة : في الهدية بسبب القرض :
الهدية في القرض قسَّمها العلماء رحمهم الله إلى :
أ - أن يكون ذلك بعد الوفاء فهذا لا بأس به ؛ بل استحبه بعض العلماء ، فزيد أقرضك ألف ريال وعند الوفاء أعطيته ألف ومائة ريال أو ألفاً وثوباً هدية له مقابل لمعروفه وإحسانه ، فإن هذا لا بأس به لأن العقد انتهى الآن و النَّبيّ r يقول : " خيركم أحسنكم قضاء " ، واستقرض النَّبيّ r بكراً ورد خيراً منه رباعياً .
والصواب أيضاً : أنه لا فرق سواء كانت الزيادة في الكيفية أو كانت الزيادة في الكمية ، لأن بعض العلماء يجوِّز الكيفية ولا يجوِّز الكمية ؛ يعني : أقرضك براً متوسطاً فتعطيه براً جيداً ؛ يقول : هذا جائز ، لكن في الكمية أعطاك ألف ريال ما تعطيه ألفاً ومائة .
والصواب أن هذا كله جائز ما دام أنه بعد الوفاء .
فالهدية ما دامت بعد الوفاء فإنها جائزة ما دام أنها ليست مشروطة .
ب - أن تكون قبل الوفاء ، يعني أعطاك كتاباً..إلخ ، فإذا كان ذلك بسبب القرض فلابد أن تمتنع أو تحسب ذلك من القرض أو تكافئه .
أما إذا كانت الهدية بغير سبب القرض كأن تكون بينكما مهاداة لقرابة أو صداقة ونحو ذلك فإن هذا لا بأس به .
وأيضاً أدخل بعض العلماء الدعوات العامة كدعوات الزواج أو مناسبة عامة ؛ فهذه الدعوة ليست بسبب القرض وإنما حصلت هذه المناسبة فدعاك ، لم يعمل لك طعاماً خاصاً بسبب القرض .